مخاوف أوروبا من ترمب- بين الرسوم الجمركية وتحديات الأمن الوجودي
المؤلف: عبدالرحمن الطريري10.08.2025

تتفاقم المخاوف الأوروبية حيال تولي إدارة ترمب مقاليد الأمور في الولايات المتحدة مجدداً، وتتراوح هذه الهواجس بين احتمال تقويض المظلة العسكرية الأمريكية التي تتجسد جزئياً في القواعد المنتشرة في دول مثل ألمانيا وبولندا، وصولاً إلى المخاوف الاقتصادية العميقة من فرض تعريفات جمركية أمريكية باهظة على البضائع الأوروبية، بهدف تعديل التوازن التجاري المختل بين الجانبين.
وتتزايد هذه المخاوف الاقتصادية على خلفية انكماش الاقتصاد الألماني، الذي يعتبر أكبر اقتصادات القارة الأوروبية، في عام 2024 للعام الثاني على التوالي، مما يثير القلق من أن تتحول الموجة الترمبية إلى بركان مدمر يقذف بحمم يمينية متطرفة. ويرى العديد من المراقبين أن صعود اليمين المتشدد يمثل تهديداً وجودياً لأركان الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثير فزعاً حقيقياً في بروكسل، عاصمة الاتحاد.
وتجد أوروبا نفسها اليوم في موقف صعب، حيث تفتقر إلى بدائل فعالة أو لديها خيارات محدودة للغاية، بينما تلوح الإدارة الأمريكية في الأفق بخيارات قاسية للأوروبيين، وإن لم تفصح عنها بشكل مباشر، فهي تضعهم بين مطرقة رسوم جمركية تصل إلى 25% على واردات الصلب والألومنيوم، وسندان نصيب من معادن أوكرانيا مقابل التوصل إلى سلام دائم برعاية أوروبية وليست بمعزل عنها.
إننا أمام تأسيس لمرحلة اللا مجانية، حيث لا توجد خدمات أمريكية مجانية أو ضمانات مطلقة تجاه أوروبا، وهو تحول جذري قد يكون التعايش معه ممكناً على المستوى الاقتصادي وإن بصعوبة بالغة، ولكنه يمثل تحدياً وجودياً حقيقياً في حال تراجعت واشنطن عن التزاماتها المالية تجاه حلف شمال الأطلسي، فالأمر هنا يتجاوز مجرد تخفيض الدعم المقدم لوكالة الأونروا أو منظمة الصحة العالمية.
هذا التحدي يتجلى في أبسط صوره في الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ثم يتفاقم تدريجياً نحو القبول بالأمر الواقع الذي أعلنته موسكو في 30 سبتمبر 2022، بضمها لمناطق تقع ضمن حدود أربع مقاطعات أوكرانية هي لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون. وسيكون فيلم الرعب الحقيقي هو إدراك أوروبا أنها ستضطر للتعامل مع روسيا عسكرياً على المدى البعيد، بعد تعافيها من العقوبات الاقتصادية، ولكن هذه المرة دون دعم ومساندة من واشنطن.
والأدهى من ذلك كله، هو أن الأوروبيين، خلال اجتماعهم في باريس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، شهدوا انقساماً حاداً في مواقفهم بشأن الأزمة الأوكرانية، وشمل هذا الانقسام بنوداً عدة، من بينها إمكانية نشر قوات عسكرية على الأراضي الأوكرانية.
وفي الختام، تسعى بريطانيا، التي انفصلت عن الاتحاد الأوروبي عبر خروجها من البريكست، إلى تقريب وجهات النظر بين أوروبا والولايات المتحدة، ليس فقط لأنها أقرب إلى أمريكا من الناحية الاستراتيجية، ولكن أيضاً لأن أي ضرر يلحق بأوروبا سينعكس عليها سلباً من الناحية الأمنية والاقتصادية.
قد تنجح هذه الوساطة بشكل جزئي على المدى القريب، ولكن على المدى البعيد، يبدو أن أمريكا تتجه نحو مغادرة أوروبا، تماماً كما أعلنت عن مغادرتها للشرق الأوسط. وهذا الأمر يستدعي مقاربات جديدة ليس فقط على المستوى الأوروبي، ولكن أيضاً على المستوى الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بردود فعل الصين المحتملة تجاه هذا الفراغ الاستراتيجي.
وتتزايد هذه المخاوف الاقتصادية على خلفية انكماش الاقتصاد الألماني، الذي يعتبر أكبر اقتصادات القارة الأوروبية، في عام 2024 للعام الثاني على التوالي، مما يثير القلق من أن تتحول الموجة الترمبية إلى بركان مدمر يقذف بحمم يمينية متطرفة. ويرى العديد من المراقبين أن صعود اليمين المتشدد يمثل تهديداً وجودياً لأركان الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثير فزعاً حقيقياً في بروكسل، عاصمة الاتحاد.
وتجد أوروبا نفسها اليوم في موقف صعب، حيث تفتقر إلى بدائل فعالة أو لديها خيارات محدودة للغاية، بينما تلوح الإدارة الأمريكية في الأفق بخيارات قاسية للأوروبيين، وإن لم تفصح عنها بشكل مباشر، فهي تضعهم بين مطرقة رسوم جمركية تصل إلى 25% على واردات الصلب والألومنيوم، وسندان نصيب من معادن أوكرانيا مقابل التوصل إلى سلام دائم برعاية أوروبية وليست بمعزل عنها.
إننا أمام تأسيس لمرحلة اللا مجانية، حيث لا توجد خدمات أمريكية مجانية أو ضمانات مطلقة تجاه أوروبا، وهو تحول جذري قد يكون التعايش معه ممكناً على المستوى الاقتصادي وإن بصعوبة بالغة، ولكنه يمثل تحدياً وجودياً حقيقياً في حال تراجعت واشنطن عن التزاماتها المالية تجاه حلف شمال الأطلسي، فالأمر هنا يتجاوز مجرد تخفيض الدعم المقدم لوكالة الأونروا أو منظمة الصحة العالمية.
هذا التحدي يتجلى في أبسط صوره في الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ثم يتفاقم تدريجياً نحو القبول بالأمر الواقع الذي أعلنته موسكو في 30 سبتمبر 2022، بضمها لمناطق تقع ضمن حدود أربع مقاطعات أوكرانية هي لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون. وسيكون فيلم الرعب الحقيقي هو إدراك أوروبا أنها ستضطر للتعامل مع روسيا عسكرياً على المدى البعيد، بعد تعافيها من العقوبات الاقتصادية، ولكن هذه المرة دون دعم ومساندة من واشنطن.
والأدهى من ذلك كله، هو أن الأوروبيين، خلال اجتماعهم في باريس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، شهدوا انقساماً حاداً في مواقفهم بشأن الأزمة الأوكرانية، وشمل هذا الانقسام بنوداً عدة، من بينها إمكانية نشر قوات عسكرية على الأراضي الأوكرانية.
وفي الختام، تسعى بريطانيا، التي انفصلت عن الاتحاد الأوروبي عبر خروجها من البريكست، إلى تقريب وجهات النظر بين أوروبا والولايات المتحدة، ليس فقط لأنها أقرب إلى أمريكا من الناحية الاستراتيجية، ولكن أيضاً لأن أي ضرر يلحق بأوروبا سينعكس عليها سلباً من الناحية الأمنية والاقتصادية.
قد تنجح هذه الوساطة بشكل جزئي على المدى القريب، ولكن على المدى البعيد، يبدو أن أمريكا تتجه نحو مغادرة أوروبا، تماماً كما أعلنت عن مغادرتها للشرق الأوسط. وهذا الأمر يستدعي مقاربات جديدة ليس فقط على المستوى الأوروبي، ولكن أيضاً على المستوى الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بردود فعل الصين المحتملة تجاه هذا الفراغ الاستراتيجي.